إنّ سرطانَ الرّئةِ هو واحدٌ من أكثرَ السرطانِ انتشاراً في العالم.. ويُسببُ تدخينُ السجائرِ معظمَ سرطانِ الرئة، فكلّما كانَ عددُ
السجائرِ المُدّخنة في اليومِ الواحد أكثر وكلما كانت البدايةُ في عادةِ التدخين في عمرٍ أصغرَ كلّما كانت مخاطرُ الإصابةِ بسرطان الرئة أكبرَ، كما أنّ المستوياتِ العاليةَ لتلوّثِ الجوّ والتعرضَ للإشعاعاتِ والاسبستوس قد تزيدُ أيضاً من مخاطرَ الإصابةِ بسرطانِ الرئة.
تتضمّنُ الأعراضُ المنتشرةُ لسرطان الرئة:
• السعالَ الذي لا يُشفى ويتفاقم مع مرور الوقت
• ألماً صدرياً دائماً
• سعالاً مترافقاً بخروج الدّم
• ضيقَ النفس وصدور صفير النفس أو بحة في الصوت
• إصاباتٍ متكررة بذات الرئة أو التهاب القصبات
• انتفاخَ العنق والوجه
• نقصانَ الشهية وفقدان الوزن
• التعبَ
هناك أنواعٌ كثيرة من سرطانِ الرّئة، وكلُّ نوعٍ من سرطانِ الرّئةِ يتطورُ وينتشرُ بطريقةٍ مختلفة كما ويتمُّ علاجُه بطريقةٍ مختلفة. تعتمدُ طريقةُ علاجِ السرطان على المرحلةِ التي وصلَ إليها أو على درجةِ انتشارِه أو تطورِه، وقد يتضمّنُ العلاجُ: العلاجَ الكيميائي والعلاجَ بالأشعةِ والعلاجَ بالعملِ الجراحيّ.
مقدمة
سرطان الرئة هو أكثر أنواع السرطان فتكاً بالرجال والنساء. إذ يموت في العالم أكثر من مليون شخص كل عام بسبب سرطان الرئة.
معظم حالات سرطان الرئة لها علاقة بالتدخين. لذلك فمن الأفضل أن يكف المدخنون عن التدخين في أسرع وقت.
ويساعد هذا البرنامج التعليمي على فهم سرطان الرئة والسبل المتاحة لمعالجته.
تشريح الرئة
يعد الأكسجين من العناصر البالغة الأهمية للحياة. ومن غير الأكسجين يحدث الموت سريعاً. إن الرئتين تسمح بتزويد الدم بالأكسجين.
ففي الرئتين يصبح الهواء الذي يتنفسه الإنسان بتماس وثيق مع الدم. وهناك يأخذ الدم الأكسجين ويتخلص من الفضلات التي تخرج مع هواء الزفير، ومنها غاز ثنائي أكسيد الكربون.
فعندما يتنفس الإنسان يمر الهواء عبر الأنف والفم.
بعد ذلك يدخل الهواء في أنبوب هوائي يسمى الرُّغامى.
ومن الرُّغامى يدخل الهواء إلى أنابيب أصغر تسمى القَصَبات أو الشُّعَب الهوائية.
في نهاية كل قصبة دقيقة توجد جيوب تشبه البالونات تدعى الأسناخ.
إن جُدُر الأسناخ الرئوية رقيقة جداً. وتوجد على الجانب الخارجي من غلاف الأسناخ أوعية دموية صغيرة. إن الجدار الرقيق جداً للأسناخ، يسمح للأكسجين بدخول مجرى الدم، ويسمح لثنائي أكسيد الكربون بالخروج من الدم إلى الرئتين، فتتخلص الرئتان منه مع الزفير.
وتفرز بطانة القصبات الأكبر حجماً مادة خاصة تدعى المخاط. وهي تساعد على التقاط الشوائب من الهواء الداخل إلى الرئتين. ويتواصل إطراح المخاط من الرئتين. ويبتلع الإنسان هذه المادة المخاطية تلقائياً مثلما يبتلع لعابه.
هناك فرشايات صغيرة تسمى الأهداب تواصل عملها في دفع المخاط إلى الخارج. تشبه الأهداب الشعر القصير أو شعر الفرشاة. وعندما تصبح كمية المخاط كبيرة، تدفع إلى الخارج عن طريق السعال.
السرطان وأسبابه
يتألف الجسم من ملايين من الخلايا الصغيرة.
وهذه الخلايا تشكل أعضاء الجسم، مثل الرئتين والقلب والعظام.
عندما تشيخ الخلية أو تصاب بالتلف فإنها تموت عادةً وتحل مكانها خلايا جديدة.
أحياناً تواصل الخلية نموها وانقسامها دون حاجة إلى ذلك. وهذا ما يؤدي إلى نمو غير طبيعي نسميه ورماً.
فالأورام نوعان. فإذا كان الورم لا يغزو الأجزاء المجاورة من الجسم، فإنه يسمى ورماً حميداً أو ورماً غير سرطاني. ونادراً ما تشكل الأورام الحميدة خطراً على الحياة. فالأورام الحميدة ليست أوراماً سرطانية.
أما إذا كان الورم يغزو المنطقة المجاورة ويدمر خلاياها فإنه يدعى ورماً خبيثاً أو سرطاناً. وقد يهدد السرطان الحياة.
يمكن أن تنتقل الخلايا السرطانية إلى مختلف أجزاء الجسم من خلال الغزو المباشر، أو عبر الدم والأقنية اللمفية.
اللمف هو سائل شفاف يكاد يكون رائقاً ينتجه الجسم ويعمل على إخراج الفضلات من الخلايا. ينتقل اللمف عبر أوعية خاصة وأجسام تشبه حبات الفاصولياء تسمى العقد اللمفية.
تهدف معالجة السرطان إلى قتل الخلايا السرطانية أو السيطرة عليها.
يطلق على كل سرطان اسم العضو الذي بدأت الإصابة فيه. فالسرطان الذي يبدأ في الرئتين يسمى سرطان الرئة حتى لو انتقل إلى أماكن أخرى من الجسم مثل الكبد أو العظام أو الدماغ.
يستطيع الأطباء تحديد المكان الذي بدأ فيه السرطان، لكنهم لا يستطيعون عادة تحديد سبب ظهور السرطان عند المريض.
تحوي الخلايا مواداً وراثية، أو جينية، تسمى الصبغيات أو الكروموسومات. إن الصبغيات هي التي تضبط نمو الخلايا.
يميل السرطان للحدوث في عائلات أكثر من غيرها مما يوجب على الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابون بالسرطان أن يجروا فحوصاً دورية للكشف المبكر عن علامات السرطان.
يحدث السرطان دائماً نتيجة تغيرات تطرأ على الصبغيات. فعندما تصبح الصبغيات غير طبيعية في إحدى الخلايا فقد تفقد هذه الخلية قدرتها على ضبط نموها.
ويمكن أن تحدث التغيرات المفاجئة على المادة الجينية نتيجة لأسباب كثيرة. وقد تنتقل هذه الأسباب وراثياً أحياناً.
يتفق الخبراء أيضاً على أن تدخين التبغ ومضغ التبغ والتعرض لدخان التبغ يمكن لها جميعها أن تسبب سرطان الرئة. إن التعرض للمواد الكيماوية أو غيرها من عوامل البيئة، مثل التلوث أو الإمينت أو الأسبستوس (وهي مادة عازلة كانت تستخدم قديماً في تشييد الجدران في البيوت) يمكن أيضاً أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
أعراض سرطان الرئة وأسبابه
ثمة نوعان من سرطان الرئة: السرطان ذو الخلايا غير الصغيرة، والسرطان ذو الخلايا الصغيرة. إن السرطان ذا الخلايا غير الصغيرة هو النوع الأكثر شيوعاً. وهو ينمو ببطء، ولا ينتشر بسرعة إلى الأعضاء الأخرى. أما السرطان ذو الخلايا الصغيرة فهو أقل شيوعاً، ولكنه ينمو بسرعة وينتشر بسرعة قصوى إلى الأعضاء الأخرى.
إن التدخين والتعرض إلى الدخان الذي ينبعث من سجائر المدخنين (التدخين القسري) هو السبب الغالب للإصابة بسرطان الرئة.
تحوي السجائر أكثر من أربعة آلاف مادة كيماوية من بينها أربعين مادة يمكن أن تسبب السرطان. إن فلتر السيجارة لا يفيد في الوقاية من السرطان. كما أن مضغ التبغ يسبب السرطان أيضاً.
إن تدخين الغليون والسيجار يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة، ولكن تلك الزيادة ليست بقدر الزيادة التي يسببها تدخين السجائر.
إن التعرض للتلوث وللمواد المشعة وللأمينت أو الأسبستوس وغيرها من المنتجات يزيد أيضاً من خطر الإصابة بسرطان الرئة.
إن التوقف عن التدخين وتجنب التعرض للبيئات المسببة للسرطان، مثل المواد الكيماوية، يقلل خطر الإصابة بسرطان الرئة، حتى بعد سنين طويلة من التدخين.
من أعراض سرطان الرئة ما يلي:
السعال المزمن، أو السعال مع خروج بلغم أو قشع فيه دم
بحة الصوت
ضيق التنفس، أو ألم الصدر، أو أصوات الأزيز
نقص الوزن أو فقدان الشهية
من الأعراض الأخرى لسرطان الرئة:
تورم في الوجه والرقبة
تكرار التهاب القصبات وعدوى الرئة
الحمى
الضعف العام؛ ولاسيما في الكتف، أو الذراع، أو اليد.
تشخيص سرطان الرئة
إن صورة الصدر البسيطة باستخدام الأشعة السينية مفيدة جداً في اكتشاف وجود أي شذوذات في الرئتين. ويُطلَق على المناطق الشاذة التي تظهر على صورة الصدر اسم "آفات".
إن التصوير الطبقي المحوري للصدر، وهو إجراء تصوير تفصيلي بالأشعة السينية، يساعد على التعرف الدقيق لأي آفة لوحظت على الصورة البسيطة للصدر.
بعد ذلك تؤخذ خَزعة من الآفة الرئوية. أي تؤخذ قطعة صغيرة من الآفة وترسل إلى اختصاصي الباثولجيا أو طبيب التشريح المرضي لدراستها من أجل معرفة إن كانت سرطانية أو غير سرطانية.
يمكن أخذ الخَزعة بإحدى طريقتين. الطريقة الأولى هي أخذ خزعة بإدخال إبرة في الرئة من خارج الجسم مع الاسترشاد بالتصوير الطبقي المحوري. أما الطريقة الأخرى فتتم بأخذ الخزعة من داخل الجسم عن طريق منظار يُدخَل عبر الفم.
إذا ظهر أن الآفة في الرئة هي آفة سرطانية فلا بد من إجراء اختبارات أخرى لمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر إلى أجزاء جديدة من الجسم، ولمعرفة المرحلة التي بلغها السرطان. كلما كانت درجة الانتشار أكبر، كلما كانت المرحلة أعلى.
إذا تبين أن السرطان منتشر في الجسم فمن الممكن إجراء اختبارات إضافية لتحديد المواقع الدقيقة لانتشار السرطان. ويمكن إجراء تصوير العظام الومضاني، وهو اختبار شعاعي خاص لفحص العظام.
يمكن أن يوصي الطبيب بإجراء تصوير طبقي محوري للتحري عن انتقال السرطان إلى مناطق أخرى في البطن والحوض.
كما يمكن أن يوصي الطبيب أيضاً بتصوير الرأس بالرنين المغناطيسي للتحري عن انتقال السرطان إلى الدماغ.
قد يكون من الضروري إجراء اختبارات دموية للتحري عن فقر الدم وعن وجود مشاكل في الكبد والكليتين.
ولكن قد يتضح أن الآفة الرئوية ليست سرطانية، وأنها تدل على وجود عدوى قديمة أو جديدة في الرئتين.
وقد تكون الآفة الرئوية ورماً حميداً، وليس ورماً خبيثاً، أي ليس ورماً سرطانياً. فالأورام الحميدة لا تحوي خلايا سرطانية.
علاج سرطان الرئة
يتوقف علاج سرطان الرئة على المرحلة التي وصل إليها.
إذا كان سرطان الرئة غير منتشر وأن حجمه صغير نسبياً، فقد تكون الجراحة ضرورية لاستئصاله.
وقد يكون إجراء العلاج الشعاعي والكيماوي ضرورياً لشفاء السرطان أو للإبطاء من نموه على الأقل.
خلاصة
إن سرطان الرئة ليس مرضاً نادراً.
إن الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة سرطان الرئة هي الوقاية منه.
إن التوقف عن التدخين هو أهم شيء يمكن لأي شخص أن يفعله لتفادي الإصابة بسرطان الرئة.